-A +A
نجيب يماني
يروي في صحيفة الشرق الأوسط الكاتب توفيق السيف أن جارتهم مريم عادت من مخيم الفضاء الذي أقامته جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ضمن مساعيها لاكتشاف المواهب المبكرة في مجالات التقنية العالية.

وأن مريم وفريقها وجميعهم طلاب في المرحلة الثانوية حصلوا على المركز الأول، نظير تصميمهم نموذجاً لقمر صناعي خاص بالاتصالات.


كما سبق وأن أعلنت موهبة ترشيح 45 مشروعاً علمياً لتمثيل السعودية في آيسف 2024 بعد فوزها في «الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي» شارك به أكثر من 210 آلاف طالب وطالبة

اختير منها 390 مشروعاً، في ثلاث مناطق جدة والرياض والظهران، يشارك منها 45 مشروعاً في معرض «ريجينيرن» الدولي للعلوم والهندسة آيسف 2024».

وأنا أقرأ هذه الأخبار المفرحة لوطن يتمدد في ارتقاء مستوى البحث العلمي ودخوله ضمن أول عشر دول في مؤشر التنافسية العالمية فهذه المخيمات العلمية والتنافسية تحقق أهداف الوطن الإستراتيجية بتعزيز القيم والانتماء الوطني، وتجويد نواتِج التّعلم وتحسين موقع النظام التعليمي عالميًا، وتطوير نِظام التعليم لتلبية مُتطلبات التنمية، واحتياجات سوق العمل، ورفع جودة وفاعلية البحث العلمي والابتكار، وتطوير منظومة الجامعات والمؤسسات التعليمية والتدريبية.

وحتى نعرف مقدار وحجم ما نحن فيه من نعم وخيرات لا بد أن نقارن لنعرف البون الشاسع بين جيل كان ضحية أفكار مريضة وجيل الرؤية الصحيحة.

فترة مخيمات الصحوة السوداء ومخرجاتها ومعاناة جيل بحاله من هذه الظاهرة الكريهة التي أوجعتنا في مواطن الألم دون رحمة.. صحوة تسلّط جلاوزتها علينا بأيادٍ غليظة وعقول متقيحة ونفوس سوداء ووجوه كالحة وقلوب عمياء.

فترة مريرة بطعم العلقم نصبوا فيها خيامهم في كل مكان وتسلّطوا علينا بأقوال وأفعال ليست من دين الله بل هي تعاليم وتعليمات محمد قطب رائد الصحوة الأول ومؤسسها والتي ولدت من عفن تفكيره وكتب أخيه سيد قطب مكفر أمة الإسلام ومستبيح دمها بالحرام بأفكار غلت واشتطت وبدّعت وكفّرت وفق رؤيتها الأحادية.

مخيمات غسلت أدمغة شباب الوطن مستغلة فراغهم الطويل وصغر أعمارهم وانعدام كافة وسائل الترفيه فدست سمها الزعاف في العسل مصوّرة لهم أن كل الطيّبات هي من المحرّمات، وأنه ليس هناك مسائل خلافية دارت حولها أحكام متباينة بين الحلال والحرام والمكروه والواجب والسنة مستغلين بعض نصوص الآيات الكريمة وأحاديث رسول الله وقولبتها في قوالب جاهزة لغرض التحريم حتى وإن كانت ليست في السياق.

يقول لنا الأستاذ السيف إن جارتهم مريم عادت من المخيم وقد صممت مع رفاقها نموذجاً لقمر صناعي خاص بالاتصالات.

وكان أبناء فترة الصحوة الكريهة يعودون من مخيمات الضلال بوجه عبوس، وأفكار متجهمة بغيضة، قوامها التفسيق والتكفير وصناعة الموت وكره الآخر وقتله.

قطعيتهم لكل مخالف واجبة، فتعلم اللغة الإنجليزية حرام، والسفر لبلاد الكفار جريمة تدخل فاعلها النار، ووجود المحرم مع المرأة من أساسيات الدين لا تخرج من بيتها إلا لقبرها، التلفزيون حرام، والغناء فحش، والفن كفر، وعمل المرأة فسق، والوجه عورة، وصوتها لعنة، والرياضة رجس من عمل الشيطان، كان مبلغ علمهم تكسير الآلات الموسيقية وتغسيل الموتى وتكفينهم وكيفية دفنهم وإعلان الحرب على الأهل والأقارب وقطيعة الرحم، هذا غير الكذب والتدليس، فغدت مخيماتهم أوكاراً غلافها الدّين وجوفها الحقد.

تلاعبوا بعقول أبنائنا بمنهج خفي قذر وسخام مخيمات عطن سودوا حياتنا وجعلونا في جاهلية مطلقة. فيخرج من مخيم الصحوة وقد كره الحياة ومن على الأرض فيكسر ويخرب كل ما تقع يده عليه بدعوى محاربة المنكر لينطلق بعدها كالحرون يقتل ويفجر في وطن قدم له كل شيء.

صحوة كاذبة خاطئة اكتوى بنارها آباء وأمهات وعوائل فقدوا فلذات أكبادهم غُرّر بهم وصُوّرت لهم الجنان والحوريات برغبة دائمة وشهوة عارمة، وأن الطريق إلى الجنة يمر عبر بوابة قتل الكفار وإعلان البراءة منهم والحرب عليهم.

حتى أبناء جلدتهم لم يسلموا من توصيفاتهم البذيئة، فهذا تكفيري، والآخر قبوري، والثالث زنديق مفارق لأهل السنة والجماعة، أبدعوا في صناعة الموت وأن لا حياة إلا بالجهاد.

وصدح صوت الحق معلناً أنه لا تطرف بعد اليوم سندمرهم فوراً ونقضي عليهم لتصبح هذه الكلمات واقعاً ملموساً نعيشه ونستمتع به آمنين مطمئنين وسط مجتمع واعٍ عرف قيمة الإنسان وأنه خلق لإعمار الكون وطلب العلم والمعرفة، فانطلق ولله الحمد في مسابقات البحث العلمي والغوص في تعقيدات التقنية.

فرق شاسع بين مخيمات تعلّم الفحش وتزيّن القتل ومخيمات تنشر العلم، يقول الحق سبحانه وتعالى {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

أطمئن أستاذ توفيق فما تم إنجازه في قطاع التعليم خلال الأعوام الماضية من عمر «الرؤية» مثّلت نقلة نوعية حررّت العملية التعليمية من مثاقيلها السابقة ونقلتها إلى إعمال العقل الناقد، والفكر المنتج، بحثاً عن محصلة تعليمية تتماشى وروح العصر، ومواكبة سوق العمل، ومنسجمة مع إستراتيجيات وأهداف «الرؤية»، وباعثة على استنهاض روح التنافس في الابتكار والتجديد،

فنحن في خير كبير ولله الحمد.